أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

أسلمة المعرفة بين العطاس والفاروقي، دراسة في المرحلة التأسيسية للمشروع.

مقدمة:  
ظهرت "أسلمة المعرفة" الفكرة والمشروع أواخر القرن العشرين على يد مُفكّرَين مُسلمَين هما محمد نقيب العطاس الماليزي واسماعيل راجي الفاروقي الفلسطيني في مرحلة زمنية اشتدت فيها المواجهة بين الفكر الإسلامي المعاصر والحضارة الغربية المهيمنة على الفكر والنظم التعليمية، غير أن مشروع ََ(أسلمة المعرفة) لم يجد بجرانه وحضوره بعدهما رغم محاولة الدكتور طه جابر العلواني العراقي والفيلسوف أبو القاسم الحاج حمد السوداني وآخرين، وقد أعزو ضعف اشتغال الباحثين المعاصرين بهذا المشروع وقلة الاهتمام به إلى عدم امتلاك الكثيرين منهم للمداخل الفكرية والأدوات المعرفية لأسلمة المعرفة، في هذا المقال سأحاول قدر الإمكان تسليط الضوء على مرحلة نشأة هذا المشروع وما تلاها من مراحل تأسيسية حيث تشكّلت الفكرة، وتبلورت المفاهيم، وتحددت المعالم، ورسمت الأهداف الكبرى، لتقريبه إلى الطلاب المشتغلين بالفكر الإسلامي خاصة، وإلى كل الباحثين في العلوم والدراسات الإسلامية.

أولا: مرحلة الإطلاق اللفظي والتشكل المفاهيمي:

(أ) تحرير المعرفة من الرؤية الغربية:

 وهي الفكرة الجوهر في مشروع أسلمة المعرفة، كان للفيلسوف الماليزي محمد نقيب العطاس فضل السبق في إطلاق مسمّى (أسلمة المعرفة)، كما كان له الفضل أيضا في تحديد (ماهيتها) حين دعا بشكل واضح إلى تحرير المعرفة من الرؤية الغربية انطلاقا من إيمانه العميق بأن المعرفة ليست شأنا محايدا، وأن العمل على تحديد حقيقتها وتنقيتها من الشوائب التي اختلطت بها هو أكبر تحديات الأمة المسلمة في هذا العصر، إذ "يمكن أن تكون مشربة بروح ومحتوى معيّنين يتنكران في ثوب المعرفة، ومن تمَّ فهي بشكلها العام ليست في الواقع معرفةً حقيقية وصحيحة، وإنما هي تفسير وتأويل للحقائق من خلال –إذا جاز التعبير- منشور (prisme) الحضارة الغربية"(1). 

 

المراجع:

(1) مداخلات فلسفية في الإسلام والعلمانية ص155.

تعليقات