أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الإطار القانوني والبعد السياسي لمصادقة المغرب على اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية



مقدمة: 

تعد اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، المعتمدة في 18 أبريل 1961م، من أبرز الاتفاقيات الدولية التي نظّمت العلاقات بين الدول في إطار القانون الدولي العام، فهي الأساس والمرجع الإطار في ضبط وتحديد العلاقات الدبلوماسية لاسيما من حيث المتيازات والحصانات الممنوحة للبعثات الدبلوماسية بما يضمن استقلالها ومنحها القدرة على أداء أدوارها المنوطة بها دون تخل من الدول المستقبلة.

ولقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية بتاريخ 13 يونيو 1977، وهي خطوة تحمل دلالات قانونية وأبعاد سياسية مهمة منها: تأكيد المملكة على ترسيخ مبادئ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، إلى جانب الانخراط السياسي في المنتظم الدولي وفق المعاهدات المتوافق عليها دبلوماسيا.

ما هو الاطار القانوني والبعد السياسي لاتفاقية فيينا 1961م بالنسبة للمغرب؟ وما هي الملاحظات والتحديات المسجلة حول تفعيل هذه الاتفاقية؟

1- الإطار القانوني لاتفاقية فيينا 1961م:

يعتبر الفصل 55 من دستور المملكة المغربية 2011 الأساس أو الإطار القانوني في انضمام المغرب إلى اتفاقية فيينا من أجل رسم العلاقات الدبلوماسية بينه وبين باقي الدول الأعضاء، وقد نص الفصل على ما يلي: (يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية ...) وتكتسب الاتفقيات الدولية في التشريع المغربي قوتها الإلزامية بعد توقيع ومصادقة الملك عليها ونشرها في الجريدة الرسمية وهو ما أشار إليه الفصل المشار إليه أعلاه في فقرته الثانية (يوقع الملك على المعاهدات ويصادق عليها ....).

في هذا الصدد، وبعد مصادقة المغرب على اتفاقية فيينا أصبحت المملكة المغربية قادرة على الاستناد إليها في تنظيم العلاقات الدبلوماسية، انسجاما مع مقتضيات القانون الدولي ومعايير العمل الدبلوماسي المتعارف عليه.

2- البعد السياسي لاتفاقية فيينا 1961م:

يتضمن التزام المغرب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية دلالات عميقة على المستوى السياسي من أبرزها: 

(أ) تأكيد السيادة القانونية لأعضاء اتفاقية فيينا؛ وهو ما يعكس حرص المغرب على ممارسة سيادته واحترام سيادة الدول، خاصة وأن المغرب بصدد استكمال تحرير أراضيه الوطنية في جنوب المملكة وشمالها.

(ب) بناء علاقات متوازنة مع الدول؛ بحيث توفر هذه الاتفاقية إطارا قانونيا ينظم العلاقات بين البعثات الدبلوماسية والدول المستضيفة، وفق مبدأ المعاملة بالمثل، مما يسهم في تجنب التجاوزات وحماية الحقوق والمصالح المشتركة، ويعزز الثقة المتبادلة في الفعل السياسي.

(ج) تكريس الانفتاح على القانون الدولي؛ بحيث يعكس انضمام المغرب إلى هذه الاتفاقية صورة من سياسته الخارجية التي تقوم على الانفتاح وهو ما يظهر جليا أيضا في مصادقته على عدد من الاتفاقيات الدولية الأخرى كـ: حقوق الإنسان، والتعاون الاقتصادي، ومحاربة الجريمة المنظمة وغيرها من المجالات. 

3- بنود اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية:

للاطلاع أو تحميل بنود هذه الاتفاقية المرجو الانتقال إلى الموقع الرسمي للأمم المتحدة عبر الرابط التالي:

https://treaties.un.org/pages/viewdetails.aspx?src=treaty&mtdsg_no=iii-3&chapter=3&clang=_en

وفي الختام يمكن القول أنه رغم وضوح أحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية ومكانتها كمرجعية قانونية دولية، فإن الممارسة العملية كشفت لنا عن مجموعة من أبرزها:

  • الاستعمال المفرط للامتيازات والحصانات من قبل بعض الدبلوماسيين، وهو ما قد يفرغ الاتفاقية من مضمونها الأخلاقي والقانوني.
  • تباين التأويلات بين الدول لبنود الاتفاقية، مما يخلق أحيانا ازدواجية في المعايير أو تباينا في التطبيق.
  • تعقيدات إعلان شخص غير مرغوب فيه، خاصة في السياقات السياسية، خاصة في السياقات السياسية الحساسة التي قد تفضي إلى توتر العلاقات الثنائية. 

وغم هذه الإشكالات، فقد حرص المغرب في سلوكه الدبلوماسي على احترام مقتضيات هذه الاتفاقية، سواء من خلال ضبط البروتوكولات الرسمية، أو من خلال صيانى حرمة البعثات الدبلوماسية المعتمدة فوق ترابه. انسجاما مع التزامه الدائم بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. 


  

تعليقات